ليز وايزمان
ليز وايزمان
يعتبر رضى الموظفين في تراجع في كل الشركات، بغض النظر عن حجمها. بعض هذه الشركات يتجاوب مع هذا الانخفاض في مستوى الرضى من خلال تحميل المدراء المسؤولية عن مستويات رضى الموظفين في أقسامهم. بينما تسعى شركات أخرى إلى إشراك الموظفين في برامج مدروسة بعناية تخص رؤى الشركة وقيمها. أمّا الشركات الناشئة والنشطة في وادي السيليكون فإنها تغري موظفيها ذوي المواهب الرفيعة من خلال توفير خدمة المسّاج والطعام المجاني لهم.
صحيح أن هذه التكتيكات قد تثبت نجاعتها، إلا أن هناك طريقة أفضل وأسرع وأقل ثمناً يمكن للمؤسسات اللجوء إليها لجعل الموظفين يشعرون بأنهم يحققون ذاتهم. فعوضاً عن محاولة جعلهم سعداء، اطلب منهم أن ينجزوا مهمّة صعبة. فالأبحاث التي أجريتها شخصياً من أجل كتابي الذي يحمل عنوان "الموظفون الجدد الأذكياء"، تؤكّد بأن الموظفين لا يريدون أن تستعمل مهاراتهم فحسب؛ وإنما يريدون توسيع هذه المهارات.
فعندما طلبنا من أكثر من 1,000 شخص تقريباً ممّن ينتمون إلى قطاعات مختلفة أن يشيروا إلى المستوى الحالي من التحدّي في وظائفهم ومستوى رضاهم الحالي، وجدنا أن هناك علاقة شبه خطية بين الاثنين. بعبارة أخرى، مع تصاعد مستوى التحدّي، يتصاعد أيضاً مستوى الرضى. وبعد استقصاء إضافي للأمر، اكتشفنا بأن الأشخاص الذين أوكلت إليهم مهمّة تتّسم بالتحدّي، عموماً، تمكّنوا من إتمامها خلال ثلاثة أشهر وكانوا مستعدّين لتلقي المهمة التالية. كما احتاج المشاركون في الدراسة إلى 12 شهراً، وسطياً، ليبدؤوا بالشعور بأنهم جاهزون لتولي دور جديد، ولم يبدؤوا يشعرون بوهن العزيمة إلى بعد 24 شهراً، وسطياً.
فما هي العبرة التي يمكن للمدراء أن يستخلصوها من ذلك؟ رغم أن من المهم بالنسبة لموظفيك أن يتوقفوا ويحتفوا بالنجاح أو أن يلتقطوا أنفاسهم فقط، إلا أنهم قد يكونون جاهزين أيضاً للتحدّي التالي أبكر مما تعتقد أنت.
وفيما يلي بعض العلامات التي بوسعك مراقبتها لدى الموظفين لترى إن كانت ستظهر لديهم: كل شيء يديرونه سار بسلاسة لفترة طويلة من الزمن. وعندما تواجههم المشاكل، يهرعون بسرعة إلى الحل. وهم يقضون بعض الوقت في محاولة إصلاح مشاكل أشخاص آخرين ومشاكل القسم الأخرى. وقد صاروا وبصورة متزايدة سلبيين، وإن كان الأمر غير واضح بشكل جلي.
وإليك ثلاث طرق بسيطة لتجعل موظفيك يشعرون بالتحدّي مجدّداً:
• ارفع من درجة الصعوبة: حاول أن تمنحهم عملاً أكثر صعوبة يعالج مشاكل أعقد ويتطلّب العمل مع مجموعة أكثر تنوّعاً من الأشخاص المعنيين. ولكن تذكّر بأن تجعل العمل صعباً بالطرق الصحيحة. فإذا كان الرضى منخفضاً، فلربما يكون موظفيك خاضعين للضغوط جرّاء محدودية الموارد، أو البيروقراطية، أو السياسة، أو غياب القدرة على التحكّم. لا تطلب من الموظف أداء العمل ذاته وهو أصلاً يؤدّي مهمّة صعبة ومعقدة. فأنت تريد وبطريقة منتجة أن توسع نطاق العمل المفيد الذي يقوم به أصلاً.
• حوّلهم إلى موظفين مبتدئين في مجالات جديدة: فعوضاً عن ترك الموظفين يظلون مرتاحين كل في مجال خبرته، يحب عليك أن تدعوهم للعمل على مشاريع لا يمتلكون كل المعرفة والخبرات المطلوبة للعمل عليها.
• دعهم يركّزون على مشكلة جديدة: هناك استراتيجية أخرى تتمثّل في جعل موظفيك يوجهون خبراتهم الحالية لمعالجة مشاكل جديدة. فعلى سبيل المثال، طلب من عالمة تعمل لدى شركة أدوية أن تنقل مهاراتها في البحث والاستكشاف من علم الأحياء الخلوي (البيولوجيا الخلوية) إلى أمراض السرطان. في بادئ الأمر، لم تكن واثقة كيف تقوم بهذه النقلة. ولكن بعد بضعة أشهر، قالت: "أنا أشعر بأنني قوية بالكامل في هذا الدور الجديد. أشعر بتحدّ أكبر بالمقارنة مع التحدّي الذي شعرت به خلال سنوات، لكنني أشعر أيضاً بقدر أكبر من الإبداع وبأنني مسيطرة على حياتي ومساري المهني أكثر بكثير من ذي قبل. وها هي الأفكار العلمية الجديدة تتدفق مني."
عندما تطرح هذه التحدّيات على موظفيك، من الأساسي ممارسة القيادة الواعية. فهم بحاجة إلى الحرية المقترنة بالإرشاد كي تدفعهم في الاتجاه الصحيح على منحنى رحلة التعلّم. فالهدف هو توسيع مهاراتهم وخبراتهم، وليس تحطيمهم، وأنت يجب أن تكون جاهزاً كي توفّر لهم شبكة الأمان المطلوبة.